نشرت مجلة يوننيباث العسكرية التابعة لقيادة المركزيه الامريكية في صفحتها
السادسة بعنوان إعادة بناء خفر السواحل اليمنية بقلم اللواء الركن خالد علي محمد
القملي،
رئيس مصلحة خفر السواحل اليمنية وتعد جريدة يونيباث منبرا دوليا للعسكريين في
منطقة الشرق الاوسط وآسيا الوسطى .
نضع بين ايديكم المقال الذي تم نشره مرفق لكم ملف الكتروني بنسخه من المجله
.
*الأمن الإقليمي يتطلب قوة قادرة على حماية الممرات البحرية الإستراتيجية*
الجمهورية اليمنية بموقع استراتيجي ذو أهمية دولية كبيرة
بساحل يمتد من جنوب البحر األحمر عبر مضيق باب المندب - وهو ممر بحري
ضيق ومزدحم- ثم يتجه شرقاً الى خليج عدن ثم بحر العرب وحتى المحيط
الهندي. الممرات البحرية الدولية الحيوية التي تمتد على طول ساحل اليمن
تتطلب ضبط األمن البحري في اليمن بأعتباره أمر ضروري لضمان استمرار التدفق
ً السلس واآلمن للتجارة الدولية. إغالق باب المندب مثال من شأنه أن يجبر السفن
على سلوك طريق بحري طويل يمر حول رأس إفريقيا، مما يؤدي بالنتيجة إلى
زيادة كبيرة في التكاليف والوقت تترتب عليها عواقب مباشرة على االقتصاد
العالمي ككل، وليس على اقتصاد اليمن فحسب.
لذلك، تم اعالن تأسيس مصلحة خفر السواحل اليمنية بموجب القرار
الجمهوري رقم 1 في عام 2002 وبدأت مهامها العملياتية في عام 2004م ككيان
منفرد إلنفاذ القانون البحري في الجمهورية اليمنية على طول ساحلها البالغ 2400
كم تقريباً. تشمل مهام خفر السواحل أمن الموانئ اليمنية والمياه اإلقليمية،
ومكافحة التهريب والهجرة غير الشرعية واالتجار بالبشر والقرصنة.
ٍ في رئاسة المصلحة نعمل بهمة عالية، نسابق الزمن من أجل حشد الدعم
لتعزيز قدرة خفر السواحل على توفير األمن البحري الذي تدهور بسبب الحرب
ً من بعض
ً ملموسا
ّ الحاليه. وفي الوقت الحالي، يتلقى خفر السواحل في اليمن دعما
الشركاء مثل االشقاء في المملكة العربية السعودية وذلك بتوفير زوارق دوريات
صغيرة واجهزة رادارات وتدريب أطقمها وايضاً نتلقى دعم من مكتب األمم المتحدة
المعني بمكافحة المخدرات والجريمة والذي يشمل المساعدة في تدريب منتسبي
خفر السواحل اليمنية في المجاالت البحرية، حيث يعتزم مكتب األمم المتحدة
المعني بمكافحة المخدرات والجريمة المشاركة في إعادة بناء البنية التحتية، وتطوير
مهارات المنتسبين في مجاالت عدة بما فيها صيانة زوارق الدوريات.
قبل الحرب الحالية، كانت مصلحة خفر السواحل تستفيد من حزمة دعم
شاملة ومتكاملة مقدمة من المجتمع الدولي، خصوصا الدعم الكبير المقدم من
الواليات المتحدة في التمويل وتوفيرالمعدات والتدريب، باإلضافة إلى تبرعات
قدمتها دول أخرى في هذا المجال كالمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا
واليابان. كان الهدف من هذا كله إنشاء وتنمية قوة خفر سواحل متطورة تدار
وطنياً وقادرة على حماية الممرات البحرية واهمها خليج عدن و مضيق باب
المندب وجنوب البحر االحمر.
ً للغاية،
وصلت نسبة انجاز المشروع حينذاك إلى 70 ٪واعتبر في حينها فعاال
خاصة في خليج عدن والبحر األحمر. لكن نتيجة لالنقالب على الحكومة الشرعية
والحرب الدامية التي تلت ذلك، تم تدمير معظم البنية التحتية لمصلحة خفر
السواحل اليمنية، إن لم يكن كلها، حتى أصبح من المتعذر تحمل نفقات إصالحها.
لذلك على كل مبادرة داعمة لتأهيل خفر السواحل اليمنية أن تأخذ في االعتبار أن
التأهيل يجب أن يكون جذرياً ً وشامال.
الساحل اليمني المطل على باب المندب فريد من نوعه ألنه يشرف على
مساحة ضيقة حيوية تربط الطريق التجاري من المحيط األطلسي مع الشرق
األوسط وآسيا والذي من خالله تنقل السفن التجارية البضائع، بما في ذلك النفط
والغاز بين أمريكا الشمالية وأوروبا و آسيا. في عام 2016 ، ُ قّدرت إدارة
معلومات
الطاقة األمريكية أن 8.4 مليون برميل يومياً من المنتجات البترولية والنفط الخام
تمر عبر مضيق باب المندب.
هذه النقطة االستراتيجية تحتاج إلى األمن والمراقبة المستمرة للحفاظ على
تدفق التجارة ومنع ممارسة األنشطة غير القانونية. إحدى خطوات بسط االمن في
هذه المنطقة هي تعزيز وجود خفر السواحل اليمنية )خصوصا في جزيرة ميون
وميناء المخا ألن في هذين الموقعين تقع أقرب مراكز خفر السواحل اليمنية إلى
المضيق( وتطوير قدرات المراقبة واالعتراض في هذا المجال.
إعادة تأهيل مصلحة خفر السواحل ستمكنها من استعادة السيطرة على أمن
الموانئ اليمنية. قبل الحرب، كانت هذه أهم مسؤوليات خفر السواحل، وكونها
الجهة الحكومية الوحيدة المكلفة بهذا الدور؛ سيساعد إعادة تأهيلها في تطبيق
المعايير المطلوبة بموجب المدونة الدولية ألمن السفن والمرافق المينائية، التي
كانت تلتزم بها الموانئ اليمنية قبل الحرب للمنظمة البحرية الدولية.
عالوة على ذلك، فإن إعادة بناء قدرات خفر السواحل، بدعم من المجتمع
ُتعد ضرورية ليس لليمن فحسب؛ بل الستقرار وتعزيز األمن البحري
الدولي،
في المنطقة، وبالتالي للمجتمع الدولي نفسه. وتساعد مصلحة خفر السواحل
في مكافحة اإلرهاب من خالل منع تنقل األفراد المشتبه بهم عن طريق البحر،
وخاصة من الصومال إلى الساحل اليمني. من المعروف جيدا من قبل المهتمين
باألمن البحري في المنطقة، إن المحافظتين الساحليتين: المهرة وحضرموت
تستخدمان كنقاط عبور لمعظم عمليات تهريب المخدرات والحشيش إليهما ومن
ثم الى البلدان المجاورة، وهذا يشكل مصدر قلق الجميع في المنطقة. إضافة
إلى ذلك، يتطلب المنع الفعال لتهريب األسلحة، بما في ذلك أجزاء الصواريخ
الباليستية والطائرات المسيرة القادمة من إيران إلى عمالئها في المنطقة، يتطلب
وجوداً مكثفاً ومراقبة دائمة من قبل زوارق دوريات خفر السواحل في بحر العرب
وخليج عدن وجنوب البحر األحمر.
أخيراً، إن مصلحة خفر السواحل شريك رئيسي في التحالفات البحرية الدولية؛
وأبرز هذه الشراكات هي عضويتها في القوات البحرية المشتركة، ودعم قيادة
األسطول الخامس للبحرية األمريكية المتمركزة في المنامة، البحرين. ولتسليط
الضوء على أحدث نشاطاتنا،تعاون خفر السواحل اليمنية بنجاح مع المدمرة
األمريكية جيسون دنهام في آب/أغسطس 2018 في عملية مصادرة أسلحة كبيرة
في خليج عدن، وتم نقل المهربين للمحاكمة في عدن.
نحن نعتقد اعتقاداً راسخاً أن المجتمع الدولي بحاجة إلى شركاء أكفاء
وملتزمين في المنطقة لتحسين األمن البحري ومنع جميع األنشطة غير المشروعة
والعدوانية في المجال البحري. لتحقيق هذا الهدف، تتطلع مصلحة خفر السواحل
الى الشراكة مع المجتمع الدولي.